السلام عليكم ورحمتة الله وتعالى وبركاته
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhiB53IrKI_qULvC5yeTRwmoVwgUPWFC0h87ETmnqhGtk6Oi2cWQgdFuv_KREy5byXttTzsHC9v0AVoryAtM4dOeQxuI5agNvfAgiCt0pCmm3NDPI5lNxfCETEUYkPvOV9HqNnz6JjVsv1s/s320/012.jpg) |
المنهج التاريخي
|
1 تعريف المنهج التاريخي الإستردادي
أولا/
تعريف المنهج: و هو الأسلوب و الطريق المؤدي لمعرفة الحقائق أو الغرض المطلوب،
كذلك نطلق عليه الوسيلة المؤدية إلى اكتشاف الحقائق و المعرفة العلمية.
ثانيا/
تعريف التاريخ لغة: أرخ، تأريخ، تسجيل حادثة ما في مكان ما و زمان ما.
ثالثا/
تعريف التاريخ اصطلاحا: عرفه ابن خلدون على أنه: " إن فن التاريخ ...لا يزيد
على أخبار عن الأيام و الدول، و السوابق من القرون الأول، تنمى فيها الأقوال، و
تضرب فيها الأمثال...و في باطنه نظر
و تحقيق و
تعليل للكائنات و مباديها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق". (1)
و هو
تأريخ لماضي الإنسانية و الحضارات و ما تركه الإنسان من أثار مادية و ثقافية من
خلال الكتابة و التدوين، و هو ذاكرة الشعوب و مرآة للأمة تعكس لنا حوادث الماضي
و حقبات
من الزمن و التي كانت نتيجة تفاعل بين الأفراد في مكان ما و زمان ما.
رابعا/
المنهج التاريخي " الإستردادي": و سمي كذلك بالمنهج الاستردادي لأنه
عملية استرداد و عملية إسترجاع للماضي، و هو منهج علمي مرتبط بمختلف العلوم الأخرى
، حيث يساعد الباحث الاجتماعي خصوصا عند دراسته للتغيرات التي تطرأ على البنى
الاجتماعية و تطور النظم الاجتماعية في التعرف على ماضي الظاهرة و تحليلها و
تفسيرها علميا، في ضوء الزمان و المكان الذي حدثت فيه، و مدى ارتباطها بظواهر أخرى
و مدى تأثيرها في الظاهرة الحالية محل الدراسة و من ثم الوصول إلى تعميمات
و التنبؤ
بالمستقبل.
بعض أعلام
المنهج التاريخي:
- العلامة ابن خلدون: و استخدم المنهج التاريخي في
دراسته للعمران البشري في تحليله لمراحل تطور الدولة و هرمها.
- ماكس فيبر: كذلك استخدم المنهج التاريخي في دراسته
لبعض الفرق الدينية البروتستنتية و تأثيرها في المجتمع أنذاك.
- كارل ماركس: أيضا هو استخدم المنهج التاريخي في
دراسته لصراع الإنسان مع الطبيعة و تطور النظم في المجتمع عبر مراحلها التاريخية.
بعض الصفات التي يجب أن
يتحلى بها الباحث التاريخي:
1_ أن تكون للباحث ثقافة واسعة في اللغات و لا سيما لغة
البحث
2_ أن يكون قادرا على فهم و تحليل القضايا
3_ أن تكون له خلفية تاريخية على موضوع البحث و خاصة
المصطلحات الخاصة بوثائق البحث
4_ كذلك يجب أن تكون له معرفة بالعلوم الأخرى كالأختام و
النقود و الجغرافيا و ذلك لأنه لا يمكننا دراسة الحادثة التاريخية بمعزل عن العلوم
الأخرى
2)-
خصائص المنهج التاريخي:
1- يعتمد على ملاحظات الباحث و ملاحظات الأخرون
2- لا يقف عند مجرد الوصف بل يحلل و يفسر
3- عامل الزمن، حيث تتم دراسة المجتمع في فترة زمنية
معينة
4- أكثر شمولا و عمقا لأنه دراسة للماضي و الحاضر
3)-
أهمية المنهج التاريخي:
1- يساعدنا في التعرف على البحوث السابقة
2- يساعدنا على معرفة تطور المشاكل و حلولها السابقة، و
دراسة سلبيات و إيجابيات هذه الحلول
3- يساعد في التعرف تاريخ و تطور النظم و علاقتها بالنظم
الأخرى و البيئة التي نشأت فيها
4- يمكننا هذا المنهج من حل مشاكل معاصرة على ضوء خبرات
الماضي
5- لا يقتصر المنهج التاريخي على التاريخ و العلوم
الاجتماعية فقط بل يتعدى استخدامه إلى العلوم الطبيعية، الاقتصادية،
العسكرية،...الخ
6- يمثل تكامل بينه و بين المنهج المقارن.
4)-
أهداف المنهج التاريخي:
1- التأكد من صحة حوادث الماضي بوسائل علمية
2- الكشف عن أسباب الظاهرة بموضوعية على ضوء ارتباطها
بما قبلها أو بما عاصرها من حوادث
3- ربط الظاهرة التاريخية بالظواهر الأخرى الموالية لها
و المتفاعلة معها
4- إمكانية التنبؤ بالمستقبل من خلال دراستنا للماضي
5- التعرف على نشأة الظاهرة
5)-
خطوات المنهج التاريخي:
عند دراسة
ظاهرة أو حدث تاريخي يتوجب على الباحث إتباع خطوات أثناء دراسته و هي كما يلي:
1- اختيار موضوع البحث: و نقصد هنا تحديد مكان و زمان
الواقعة التاريخية، الأشخاص الذين دارت حولهم الحادثة، كذلك نوع النشاط الإنساني
الذي يدور حوله البحث.
2- جمع البيانات و المعلومات أو المادة التاريخية: بعد
الانتهاء من تحديد مكان و زمان الواقعة التاريخية يأتي دور جمع البيانات اللازمة و
المتعلقة بالظاهرة من قريب أو من بعيد و تنقسم إلى مصادر أولية
و ثانوية.
2-1 المصادر الأولية: و تتمثل في السجلات، الوثائق، و
الأثار، المذكرات الشخصية، محاضر اجتماعات...الخ.
2-2 المصادر الثانوية: و هي المعلومات الغير مباشرة و
المنقولة التي تؤخذ من المصادر الأولية و يعاد نقلها و عادة ما تكون في غير حالتها
الأولى و نجدها في الجرائد و الصحف و الدراسات السابقة أو الرقصات الشعبية
المتوارثة الرسوم و النقوش و النحوت، الخرائط، التسجيلات الإذاعية و التلفزيونية .
3- نقد مصادر البيانات: و هذه مرحلة جد مهمة في البحث
حيث يجب التأكد من صحة المعلومات التي جمعت و ذلك ليكون البحث أكثر مصداقية و
أمانة و في ذلك قال ابن خلدون: " و كثيرا ما وقع للمؤرخين و المفسرين و أئمة
النقل من المغالط في الحكايات و الوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا
و لم يعرضوها على أصولها و لا قاسوها بأشباهها و لا سبروها بمعيار الحكمة و الوقوف
على طبائع الكائنات و تحكيم النظر و البصيرة في الأخبار فظلوا عن الحق و تاهوا في
بيداء الوهم
و الغلط و
لا سيما في إحصاء الأعداد من الأموال و العساكر إذا عرضت في الحكايات إذ هي مظنة
الكذب و مظنة الهذر و لا بد من ردها إلى الأصول و عرضها على القواعد."(1)
و يكون
النقد داخلي و خارجي
3-1 النقد الخارجي: و يتضمن التأكد من صحة الوثيقة محل
البحث و هو بدوره ينقسم إلى نوعين:
3-1-1 نقد التصحيح: و هنا يتم التأكد من صحة الوثيقة
ونسبتها إلى صاحبها و ذلك ب:
"التأكد من صحة الوثيقة الخاصة بحادثة معينة أو أكثر،
لتحديد مدى صحتها و مدى صحة نسبتها إلى أصحابها، و ذلك لما تتعرض له كثير من
الوثائق من حشو و تزييف، و إضافات دخيلة، أو تحريف لأسباب كثيرة و أشكال متعددة،
فالوثيقة قد تكون مكتوبة بيد المؤلف و إنما بيد شخص أخر، و لا توجد سوى نسخته
الوحيدة هذه، فيكون من واجب الباحث تصحيح الخطأ في النقل، قد تكون الوثيقة متعددة
النسخ
و أماكن
التواجد، بحيث يحتاج الأمر إلى تحديد أصليها من ثانويها".(1)
3-1-2 نقد المصدر: و في هذه المرحلة يتم التأكد من مصدر
الوثيقة و زمانها و مؤلفها، للتأكد من نسبها لصاحبها و للتحقق من هذه النقاط وجب
إتباع الخطوات التالية:
3-1-2-1 " التحليل المخبري، حسب طبيعة مادة الوثيقة، كاستخدام
التحليل بالفحم المشع، بالنسبة للوثائق الكاربوهيدراتية، و لكل مادة أساليب تحليل
خاصة بها.
3-1-2-2 دراسة الخط و اللغة المستعملة
3-1-2-3 فحص الوقائع الوارد ذكرها في الوثيقة، و مقارنتها
بأحداث العصر المنسوبة إليه
3-1-2-4 تفحص مصادر الوثيقة و الاقتباسات".(2)
3-2 النقد الداخلي: و نقصد بذلك التحقق من معنى الكلام
الموجود بالوثيقة سواء المكتوب حرفيا أو المقصود بطريقة غير مباشرة و كذلك فيه
نوعين:
3-2-1 النقد الايجابي: و الهدف منه تحديد المعنى الحقيقي و
الحرفي للنص، و ما يرمي إليه الكاتب و هل حافظ على نفس المعنى في الوقت الحالي أم
لا.
3-2-2 النقد السلبي: هنا يتم التحقق من رؤية الكاتب لمشاهدة
الوقائع بدراسة مدى خطأ أو تحريف الوثيقة، كذلك مدى أمانته في نقل الواقعة، و
التأكد من سلامة جسمه و عقله و سنه يلعب دور كبير في التأكد من هذه المعلومات،
كذلك معرفة ما السبب الذي أدى به إلى كتابة هذه الوثيقة و الإحاطة بجميع ظروفه
أنذاك.
4- صياغة الفروض: و هي عبارة عن حل مؤقت لإشكالية البحث
و الذي على إثره تتم دراسة الموضوع
5- تحليل الحقائق و تفسيرها و إعادة تركيبها:
هنا يتم
تحليل الظاهرة الراهنة و التي هي موضوع الدراسة في ظل الحقائق التي قام بجمعها و
التنسيق بين الحوادث، و من ثم تفسيرها علميا مبتعدا عن الذاتية معتمدا في ذلك على
نظرية معينة.
6- استخلاص النتائج و كتابة التقرير:
و تعتبر
هذه أخر مرحلة في البحث حيث تكون عصارة البحث بالخلوص إلى النتائج التي كان الباحث
قد وضع لها فروض سابقة في البداية و كتابة تقريره النهائي حول الظاهرة المدروسة.
6)-
نقد و تقييم المنهج التاريخي:
من
إيجابيات المنهج التاريخي أنه:
1_ يعتمد المنهج التاريخي على المنهج العلمي في تقديم
البحوث
2_ النقد الداخلي و الخارجي لمصادر جمع البيانات الأولية
و الثانوية
3_ قليل التكلفة في جمع البيانات
كما تؤخذ
عليه بعض المأخذ نذكر منها:
1_ المادة التاريخية لا تخضع للتجريب و ذلك لانقضائها،
مما يصعب إثبات الفرضيات
2_ يصعب تعميم النتائج المتوصل إليها و التنبؤ بالمستقبل
و ذلك لارتباط الظاهرة التاريخية بظروف مكانية و زمنية معينة
3_ صعوبة إخضاع البيانات التاريخية للتجريب مما يجعل
الباحث الاكتفاء بالنقد الداخلي و الخارجي
4_ المعرفة التاريخية تعد ناقصة لما تعرض له من تزوير و
تلف و تحيز في نقل الأحداث
خاتمــــــة
رغم
الانتقادات أو المأخذ التي سجلت على المنهج التاريخي، إلا أنه يحتفظ بمكانته
الخاصة ضمن
المناهج
الأخرى، و يحظى بحصة الأسد من خلال اختياره في أغلب البحوث العلمية و ذلك لما له
من أهمية في التعرف على ماضي و كيفية نشأة الظاهرة و تطورها عبر التاريخ مما يجعل
الحلول ممكنة أمام الباحث و يسهل عليه تطبيق الحلول بطريقة علمية و موضوعية.
قائمة المراجـــــــع
1- عبد الرحمان ابن خلدون، مقدمة ابن خلدون، دار الهيثم،
القاهرة، ط1، 2005.
2- عمار بوحوش، محمد محمود الديبات، مناهج البحث العلمي
و طرق إعداد البحوث، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، ط3،2001.
3- صلاح الدين مصطفى الفوال، منهجية العلوم الاجتماعية
عالم الكتب، القاهرة، ط5، دس.
4- خالد حامد، منهجية البحث في العلوم الاجتماعية و
الإنسانية، جسور، الجزائر، ط1،2008.
5- سامية محمد جابر و آخرون، البحث العلمي الاجتماعي،
دار المعرفة الجامعية، دط،2003.
6- محي الدين مختار، الاتجاهات النظرية و التطبيقية في
منهجية العلوم الاجتماعية، منشورات جامعة باتنة، ج 1،دس.
7- صلا الدين شروخ، منهجية البحث العلمي للجامعيين، دار
العلوم، عنابة، دط، 2003
8- محمود عبد الحليم منسي، مناهج البحث العلمي في
المجالات التربوية و النفسية، مصر، دط،2003
او زورو موقعنا imadazoka@gmail.com